إلا عجوزًا في الغابرين ...

بقلم رئيس التحرير

سكتت شهرًا ونطقت كفرًا وقالت هجرًا وخرجت الكلمات من فيها كما تخرج الشظايا من البركان أو الزلزال، تدمر ما قرب منها وتهدم ما بعد عنها، وتضرم كل ما تصادفه نارًا ثم تحيله خرابًا ودمارًا.

تلك هي العجوز الشوهاء والسمة الشمطاء جلست في مساء الاثنين 12 نوفمبر 1973 أمام التليفزيون تعلن براءة المعركة من هدفها الأسمى وتسلب منها غايتها المثلى وتقول ويا بئس ما قالت: إننا لم نحارب اليهود لأنهم احتلوا بيت المقدس ولكن لكي نبني حضارة.

حديث كله غثيان وكلام كله هذيان وقوم خبط كأنه الرماح والسهام تصوبها تلك المرأة المحموقة والعجوز الدميمة إلى مجد الإسلام، تريد أن تهدم بنيانه وأن تقوض أركانه ولكن هيهات هيهات ...

قول خبط وكلام خلط أرادت أن تشوه به جمال المعركة وأن تنزع النبل عن القصد وأن تنفي الشرف عن الغاية، وأن تمزق الثوب الجميل الذي لبسته المعركة، والذي أهداه إياها الرئيس المسلم محمد أنور السادات حفظه اللَّه وهو ثوب الإسلام.

ذلك الثوب الذي كان مثل عصا موسى عليه السلام حين ضرب بها البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم.

فما كادت تبدو المعركة متحلية به حتى أظهر حسنها وجمالها وجلالها فاجتمع الملوك والرؤساء من حولها يتبارون في التضحية في سبيلها فبهرت أعين الناس عامة والمسلمين خاصة إلا عجوزًا في الغابرين.

لكنه الطبع اللئيم في نفس العجوز الشوهاء يفسر التواضع على أنه خوف، والتسامح على أنه جبن وضعف، ويرى الفضيلة وكأنها قيد على الحرية، ويعتبر الحرية على أنها هي الإباحية. وكذلك تريد العجوز أن تفسر معجزة العبور على أنها وليدة الرغبة في بناء حضارة .. أي حضارة ...

وليس كما فهم العالم العربي كله أن السبب الدافع للعبور والباعث المستحث عليه هو تلك الكلمة المحببة إلى النفوس والتي تحتل القلوب وتتملك العقول "الإسلام".

نعم الإسلام يا عدوة الله وعدة مصر، على رغم أنفك أيتها الجاهلة التي عبدت هواها حتى غشى الله على بصرها وأركس تفكيرها، فراحت تأمر بالمنكر وتنهى عن المعروف، وتحارب الحق وتساند الباطل وتحقر الزي المحتشم وتطالب بالزي العاري، وتصلي ولكن في محراب الهوى، وتتعبد ولكن في حوزة الشيطان، وتهدي بنات جنسها ولكن إلى الخطيئة، وتتكلم فتهذي، ولا يخرج الكلام من عقلها ولكن من جوفها الذي مليء نارًا وحقدًا على الإسلام. فتخرج الألفاظ وهي تحمل معها الشظايا الملتهبة تريد أن تهدم به مجد الأمة وتوهن به قوة الشعب وتحبط به الجهود الطيبة التي بذلها الرئيس المسلم محمد أنور السادات. هيهات هيهات لما تقصدون.

وما بداية البيانات الحربية ببسم الله الرحمن الرحيم وما تتخلله خطب الرئيس المسلم من عبارات الإيمان إلا بشارات على الخير الذي ينتظر أمتنا وإمارات على البر الذي يتحسسه شعبنا فهلا رأيت أو قرأت ...

وإذا كانت لك أعين لا تبصرين بها فهلا سمعت.

وإذا كانت لك آذان لا تسمعين بها فهلا عقلت.

وإذا كان عقلك لا يدرك فهلا تمسكين عن الكلام. ألا فلوذي بالصمت فإن كلماتك لو ثبت فيها الروح لكانت حيات وأفاعى تنطلق فتوزع لسعاتها وتهدي لدغاتها للآمنين، ألا إنها لو أرادت أن تكون شيئًا آخر لكانت ذبابًا ينطلق من جيفة عفنة أكل عليها الدهر وشرب سبعين عامًا أو تزيد وهو يحمل الجراثيم تنشرها بلا حساب على الغافلين.

قفي أيتها العجوز من أنت وإلا ...

رشاد عبد المجيد الشافعي