نشأة التاريخ الهجري

كتبه: محمد عبد العزيز

الحمد لله، نحمـده، ونستعينه، ونستغفره، ونــــــعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيِّئات أعمالنا، من يهــــده الله؛ فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل؛ فلا هادي له.

 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وبعد:

فإن من الـمُسَلَّمَاتِ الآن عند العلماء والأمم أن التقويم القمري الصرف الذي يعتمد على علامات ظاهرة هو تقويم إسلامي تتميز به هذه الأمة عن سائر الأمم.

ما معنى التقويم القمري؟

التقويم القمري هو التقويم الذي يعتمد على دورة القمر الكاملة حول الأرض أساسًا لحساب الشهر، ودورة القمر حول الأرض تكون في (29,33) تسعة وعشرين يومًا وثلث اليوم تقريبًا، ويكون القمر في كل يوم من أيامه في منزلة من المنازل التي تلاحظ بالعين المجردة بحيث يمكن للناظر تحديد أيام الشهر، فهي علامة من العلامات الظاهرة بعكس التقاويم الحسابية.

قال الله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (39) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [يس: 39، 40]

وقال: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [البقرة: 189].

نشأة التاريخ الهجري

ولأن دورة القمر تكون تسعة وعشرين يومًا وثلث اليوم تقريبًا  فإن الأشهر القمرية تتناوب بين (29) تسعة وعشرين يومًا و(30) ثلاثين يومًا واقعًا وشرعًا، فعن عبد الله بن عمر _ رضي الله عنهما _ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إنا أمة أمية، لا نكتب ولا نحسب، الشهر هكذا، وهكذا» يعني: مرة تسعة وعشرين، ومرة ثلاثين. أخرجه البخاري (1913)، ومسلم (1080).

ثم يكون حساب كل (12) اثني عشرة دورة كاملة للقمر حول الأرض سنة من السنين، قال الله تعالى: {هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [يونس: 5].

وتحديد السنة باثني عشرة دورة (شهرًا) ثابت في كتاب الله تعالى، قال الله عزوجل: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36].

تأريخ العرب بالشهور القمرية:

 وكانت العرب قبل الإسلام تؤرخ بهذه الشهور القمرية، وتعرف مدخل الشهر ومخرجه بعلامته الظاهرة (الأهلة).

 وكانت تقسم السنة اثني عشر شهرًا، وهي: المحرم، وصفر، وربيع الأول، وربيع الثاني، وجمادى الأولى، وجمادى الثانية، ورجب مضر، وشعبان، ورمضان، وشوال، وذو القعدة، وذو الحجة.

 وتعظم منها الأربعة الحرم التي ذكرها الله تعالى في كتابه، فتحرم فيها: القتال، والعدوان، والإغارة، وقطع الطريق، فكانت هذه الأشهر هدنة يتمكن فيها الناس من السفر للتجارة وللحج والعمرة ولا يخافون أحدًا، وكان الرجل يلقى قاتل أبيه فيها فيعرض عنه لتعظيمه لهذه الأشهر، وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم ثلاثة أشهر سرد، وشهر رجب وهو شهر فرد.

وكان بعض العرب في الجاهلية إذا أرادوا أن ينتهكوا حرمة الشهر الحرام أخروا شهر المحرم إلى شهر صفر فيستبيحون القتال في شهر الله المحرم، وقد قال الله تعالى فيهم: {إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [التوبة: 37].

التأريخ بالسنين، والتأريخ بالأحداث:

وقد كانت العرب في الجاهلية لا تعرف التأريخ بالسنين، وكذا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفي خلافة أبي بكر، وصدرًا من خلافة عمر بن الخطاب _ رضي الله عنهما _ فكانت تؤرخ بالأحداث، فتقول مثلاً: عام الفجار، عام الفيل، بعد البعثة بسبع سنوات، عام هجرة النبي صلى الله عليه وسلم، بعد بدر الكبرى بعام ... وهكذا.

قال العيني في عمدة القاري (17 /66): «وعن ابن عباس: قدم النبي صلى الله عليه وسلم، المدينة وليس لهم تاريخ، وكانوا يؤرخون بالشهر والشهرين من مقدمه فأقاموا على ذلك إلى أن توفي النبي صلى الله عليه وسلم، وانقطع التاريخ، ومضت أيام أبي بكر على هذا، وأربع سنين من خلافة عمر على هذا، ثم وضع التاريخ».

سبب التقويم بأول سنة للهجرة:

بعد مضي ثلاثة أعوام من خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أي: في العام السادس عشر للهجرة تقريبًا جاءه من أميره على البصرة أبي موسى الأشعري ـ رضي الله عنه ـ كتابٌ يقول فيه: إنه يأتينا كتابك في شهر شعبان، ولا ندري أهو شعبان هذا العام أم العام الماضي؟ فأرخ لنا.

فجمع عمر _ رضي الله عنه _ الصحابة واستشارهم في وضع تأريخ إسلامي:

_ فأشار بعضهم بالتأريخ بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ليكون مبدأ التاريخ.

_ وأشار بعضهم بمبعثه صلى الله عليه وسلم ليكون مبدأ التاريخ الإسلامي.

_ وأشار بعضهم بموت رسول صلى الله عليه وسلم ليكون مبدأ التاريخ الإسلامي.

      _ وأشار علي، وعمر ـ رضي الله عنهما ـ بمهاجره صلى الله عليه وسلم ليكون مبدأ التاريخ الإسلامي.

 قال لهم عمر ـ رضي الله عنه ـ: إن الله تعالى فرق بمهاجره بين الحق والباطل.

 وقد أصاب _ رحمه الله تعالى _ فقد سمى الله الهجرة نصرًا، وجعل به كلمة الإسلام هي العليا، قال الله عزوجل: {إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 40].

أخرج ابن شيبة في مصنفه (35025)، عن، الشعبي، قال: كتب أبو موسى إلى عمر أنه يأتينا كتب ما نعرف تأريخها فأرخ.

 فاستشار أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم:

 فقال بعضهم: أرخ لمبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 وقال بعضهم: أرخ لموت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 فقال عمر: أرخ لمهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرق بين الحق والباطل فأرخ».

وروى البخاري في تاريخه الصغير (1 /15): عن سعيد بن المسيب قال عمر: متى نكتب التاريخ؟

فجمع المهاجرين، فقال له على: من يوم هاجر النبي صلى اللَّه عليه وسلم إلى المدينة، فكتب التاريخ.

وعن عثمان بن عبيد الله أبي رافع، قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: جمع عمر الناس فسألهم من أي يوم يكتب التاريخ؟

فقال علي بن أبي طالب: من يوم هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك أرض الشرك.

 ففعله عمر ـ رضي الله عنه» ـ

[أخرجه الحاكم في المستدرك، (4287)، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.

وقال الذهبي في التلخيص: صحيح].

وقال العيني في عمدة القاري (17 /66):

«قال ابن عباس: لما عزم عمر على التاريخ جمع الصحابة فاستشارهم:

 _ فقال سعد بن أبي وقاص: أرخ لوفاة رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

 _ وقال طلحة: أرخ لمبعثه.

 _ وقال علي بن أبي طالب: أرخ لهجرته فإنها فرقت بين الحق والباطل.

 _ وقال آخرون: لمولده.

 _ وقال قوم: لنبوته.

 وكان هذا في سنة سبع عشرة من الهجرة.

 وقيل: في سنة ست عشرة.

 واتفقوا على قول علي، رضي الله تعالى عنه».

وقد حصر السيوطي في التوشيح شرح الجامع الصحيح ما يمكن أن يؤرخ به لأهل الإسلام فقال (6 /2474): «القضايا التي كان يمكن أن يؤرخ منها أربعة:

 مولده، ومبعثه، وهجرته، ووفاته.

 ـ فلم يؤرخ من الأولين، لأن كلا منهما لا يخلوا عن نزاع في تعيين سنته.

ـ ولا من الوفاة لما يوقع ذكره من الأسف عليه.

ـ فانحصر في الهجرة.

ـ وجعل أول السنة المحرم دون ربيع لأنه منصرف الناس من الحج».

وقال القسطلاني في إرشاد الساري (6 /234): «وذكر السهيلي أن الصحابة -رضي الله عنهم- أخذوا التاريخ بالهجرة من قوله تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ} [التوبة: 108] لأنه من المعلوم أنه ليس أول الأيام مطلقًا، فتعين أنه أضيف إلى شيء مضمر، وهو أول الزمن الذي عز فيه الإسلام، وعبد فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه آمنًا، وابتدئ فيه ببناء المساجد، فوافق رأي الصحابة -رضي الله عنهم- ابتداء التاريخ من ذلك اليوم وفهمنا من فعلهم أن قوله تعالى: {من أول يوم} أنه أول التاريخ الإسلامي».

وقد استقر أمر الصحابة فأجمعوا على التأريخ بالهجرة، فعن سهل بن سعد _ رضي الله عنه _ قال: «ما عدوا من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم ولا من وفاته، ما عدوا إلا من مقدمه المدينة». [أخرجه البخاري (3934)].

اختلاف الصحابة في الشهر الذي تبدأ به السنة:

وقد اختلف الصحابة _ رضي الله عنهم _ على تحديد الشهر الذي تبدأ به السنة:

_ فأشار بعضهم بأن تبدأ بشهر رمضان.

_ وأشار بعضهم أن تبدأ بشهر الله المحرم لأنه منصرف الناس من حجهم فاختاره الراشدون الثلاثة الباقون ـ رضي الله عنهم ـ.

قال العيني في عمدة القاري (17 /66): «ثم اختلفوا في الشهور:

 فقال عبد الرحمن بن عوف: أرخ لرجب، فإنه أول الأشهر الحرم.

 وقال طلحة: من رمضان لأنه شهر الأمة.

 وقال علي: من المحرم لأنه أول السنة».

وأما لماذا لم يؤرخوا من ربيع الأول، فقد قال البرماوي في اللامع الصبيح (10 /515): «نعم، الهجرة في ربيع الأول، ولكن جعلُوه من المُحرَّم؛ لأنه أوَّل السنة، أو لأنَّ أول الخُروج من مكة كان فيه».

وقال القسطلاني في إرشاد الساري (6 /233): «جعلوه من أوّل المحرم لأن ابتداء العزم على الهجرة كان في أول المحرم إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة وهي مقدمة الهجرة فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم على الهجرة هلال محرم، فناسب أن يجعل مبتدأ».

وقد قال الكوراني في الكوثر الجاري (7 /110): «وجعله من المحرم لأنه أول السنة الشرعية، وشهر الله المحرم.

قال بعض الشارحين: فإن قلت لم جعل أوله المحرم؟

 قلت: لأنه أول السنة، أو لأن الهجرة من مكة كانت فيه.

 وهذا شيء لا يعقل فإنه لا يلزم أن يكون في محرم، وصفر في الطريق لاتفاقهم على أنه قدم في ربيع الأول».

قال القسطلاني في إرشاد الساري (٦ / ٢٣٤): «والذي تحصل من مجموع الآثار أن الذي أشار بالمحرم: عمر، وعثمان، وعلي».

وقد أجمع الصحابة بعد هذا الاختلاف على أن أول السنة شهر الله المحرم، قال ابن كثير في البداية والنهاية (4 / 511): «وقال أبو داود الطيالسي، عن قرة بن خالد السدوسي، عن محمد بن سيرين، قال: قام رجل إلى عمر فقال: أرخوا.

 فقال: ما أرخوا؟

فقال: شيء تفعله الأعاجم يكتبون: في شهر كذا من سنة كذا.

 فقال عمر: حسن فأرخوا.

 فقالوا: من أي السنين نبدأ؟

فقالوا: من مبعثه.

وقالوا: من وفاته.

 ثم أجمعوا على الهجرة.

 ثم قالوا: وأي الشهور نبدأ؟

 فقالوا: رمضان.

ثم قالوا: المحرم فهو منصرف الناس من حجهم وهو شهر حرام.

 فاجتمعوا على المحرم».

مبدأ اعتماد التأريخ بالهجرة:

بدأ التأريخ الإسلامي بهجرة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فعدوها السنة الأولى في تاريخ دولة الإسلام وهي توافق عام: 622 م، وما قبلها فإنهم يؤرِّخونه بالبعثة فيقولون: السنة الأولى للبعثة، السنة الثانية للبعثة ... وهكذا.

 وقد اعتمد التأريخ الإسلامي في العام: السابع عشر (17) لهجرة النبي صلى الله عليه وسلم بعد مضي أربع سنوات من خلافة أمير المؤمنين عمر ـ رضي الله عنه ـ فكان أول تأريخ به في شهر الله المحرم.

قال القسطلاني في إرشاد الساري (6 /233): «وكان ذلك في خلافة عمر -رضي الله عنه- سنة سبع عشرة».

لكل أمة تأريخ:

لكل أمة من الأمم تأريخ يؤرخون به فالتاريخ الميلادي مرتبط بأديان وحضارات الرومان، وهذا واضح في أسماء الأشهر في التأريخ الميلادي، فغالبها إما وثنية مرتبطة ببعض آلهة الرومان المزعومة، أو بأسماء القياصرة وكبار الرهبان، فيناير مثلاً اسم لإله البدايات، ومارس: اسم لإله الحرب، وأبريل: اسم إله الربيع، ويوليو: نسبة للإمبراطور الروماني يوليوس قيصر، وأغسطس: نسبة للإمبراطور الروماني أغسطس بن يوليوس قيصر...

وقد كان المسلمون يعرفون هذه التقاويم ولم يستعملوها مع حاجتهم إلى التأريخ [أعني: التأريخ بالسنين، وإلا فقد كانوا يؤرخون بالأيام، والشهور القمرية، والأحداث]، قال ابن كثير في البداية والنهاية (4 / 510): «جمع الصحابة [يعني: عمر بن الخطاب رضي الله عنه] فاستشارهم في وضع تأريخ يتعرفون به حلول الديون، وغير ذلك:

 فقال قائل: أرخوا كتاريخ الفرس، فكره ذلك، وكانت الفرس يؤرخون بملوكهم واحدًا بعد واحد.

وقال قائل: أرخوا بتاريخ الروم، وكانوا يؤرخون بملك إسكندر بن فيليبس المقدوني، فكره ذلك».

تأريخ أمة الإسلام:

والتاريخ الهجري تاريخ إسلامي يفتقر إليه أهل الإسلام لأمور:

الأول: أنه تعرف به مواقيت العبادات.

 فمن أمثلة ذلك في القرآن:

·            معرفة ميقات الصيام، قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185].

·            معرفة ميقات الحج، قال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ} [البقرة: 197].

·            معرفة ميقات الأشهر الحرم، قال الله تعالى: {مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ} [التوبة: 36].

ومن أمثلة ذلك في السنة:

·           معرفة ميقات صيام الست من شوال، عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه، أنه حدثه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من صام رمضان ثم أتبعه ستا من شوال، كان كصيام الدهر» [أخرجه مسلم (1164)].

·           معرفة مواقيت صيام الفرائض والنوافل، عن أبي قتادة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله، وصيام يوم عرفة، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء، أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله» [أخرجه مسلم (1162)].

·           معرفة ميقات سرر الشهر من شعبان، عن عمران بن حصين رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال له - أو لآخر -: «أصمت من سرر شعبان؟

 قال: لا.

 قال: فإذا أفطرت، فصم يومين» [أخرجه البخاري (1983)، ومسلم (1161)].

الثاني: أنه يحمل تاريخ هذه الأمة، من مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، والخلافة الراشدة، ثم قيام دول الإسلام التي ملكت المشرق والمغرب فأقامت فيهم العدل، ونشرت الحضارة إلى قيام الساعة.

فالتمسك بهذا التأريخ الإسلامي فيه امتثال لأمر الشرع، وتمسك بالسنة النبوية، واعتبار لإجماع الصحابة، وحفظ لتاريخ هذه الأمة المجيد فلا تغلبنكم الأمم على تاريخكم.

وإلى هنا قد آن لي وضع القلم دون أن أوفي هذا المقال حقه لكن حسبي هذه الإشارة، والله أعلم، وإلى لقاء قريبٍ إن شاء الله تعالى.