حديثنا هذه المرة عن أولى الوصايا الثلاث -وهي صوم ثلاثة أيام في كل شهر- بعد أن تحدثنا من قبل عن الوصية والخلة، فنقول - مستعينين بالله تعالى -: جاءت الأحاديث بمشروعية الصيام ثلاثة أيام في كل شهر عن جمهرة من الصحابة، ذكر الترمذي منهم: أبا ذر وأبا قتادة وعبد الله بن عمرو وقرة بن إياس المزني وعبد الله بن مسعود وأبا عقرب وابن عباس وعائشة وقتادة بن ملحان وعثمان بن أبي العاص وجرير بن عبد الله، وجاء الحديث أيضًا عن ابن عمر وأم سلمة وحفصة وعمران بن حصين.

وقد عزاه المنذري في (الترغيب) لميمونة بنت سعد وعمرو بن شرحبيل، وقد جاء كذلك عن علي بن أبي طالب، وذكره صاحب (الحلية) عن جابر بن عبد الله، كما ورد في أحاديث عن أبي هريرة وأبي الدرداء، فهؤلاء أكثر من عشرين من الصحابة وقعت لنا أحاديثهم في مشروعية صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأما ذكر الكتب التي أخرجتها فيطول، لكن نسرد طرفًا من هذه الأحاديث التي جاءت في صيام ثلاثة أيام، بعضها يعينها بأيام البيض، وبعضها يذكر الخميس والاثنين، وبعضها يطلقها.

عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (من صام ثلاثة أيام من كل شهر فذلك صوم الدهر) فأنزل الله عز وجل ذلك في كتابه (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا) [الأنعام: 160] فاليوم بعشرة أيام (أخرجه الترمذي وابن ماجه والنسائي).

وعنه -رضي الله عنه- أمرنا رسول الله صلي الله عليه وسلم: أن نصوم في الشهر ثلاثة أيام البيض: ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة.

وعن معاذة العدوية سألت عائشة رضي الله عنها: أكان رسول الله صلي الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر ؟ قالت: نعم، قلت: من أين ؟ قالت: لم يكن يبالي من أين كان يصوم (رواه مسلم وأبو داود وابن ماجه).

وعن ملحان بن قيس قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يأمرنا أن نصوم البيض ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر، قال: وقال: (هن كهيئة الدهر) (رواه أبو داود).

وعن معاوية بن قرة عن أبيه - وكان النبي صلي الله عليه وسلم مسح على رأسه- قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر وإفطاره) (رواه ابن حبان).

وعن أبي هريرة قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر)

وعن عثمان بن العاص قال: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: (صيام حسن ثلاثة أيام من كل شهر) (رواهما النسائي) وروى النسائي - أيضًا- عن ابن عمر وأم سلمة - رضي الله عنهم -: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام: أول إثنين من الشهر والخميس الذي يليه، ثم الخميس الذي يليه، وعن بعض أزواج النبي صلي الله عليه وسلم: أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يصوم تسعًا من ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر: أول اثنين من الشهر وخميسين (النسائي).

وعن حفصة وأم سلمة: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يصوم من كل شهر يوم الخميس ويوم الاثنين ومن الجمعة الثانية يوم الاثنين، وروى ابن حبان عن المنهال بن ملحان عن أبيه قال: كان النبي صلي الله عليه وسلم يأمر بصيام البيض، يقول: (هن صيام الدهر).

وعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر، ويذهب وحر الصدر) أي: يذهب الغل.

وقد جاء في (الحلية) عن جابر قول النبي صلي الله عليه وسلم: (ألا أخبركم بغرف الجنة ؟) وفيه قلنا: لمن تلك ؟ قال: (لمن أفشى السلام وأدام الصيام) وفيه: (من صام رمضان ومن كل شهر ثلاثة أيام فقد أدام الصيام).

وروى أبو داود عن عبد الله رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يصوم، يعني من غرة كل شهر ثلاثة أيام.

قال النووي في شرح مسلم: يستحب أن تكون الأيام الثلاثة من سرة الشهر وهي وسطه، وهذا متفق على استحبابه، وهو استحباب كون الثلاثة هي أيام البيض، وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وقد جاء فيها حديث في سنن الترمذي وغيره، وقيل: هي الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر، قال العلماء: ولعل النبي صلي الله عليه وسلم لم يواظب على ثلاثة معينة لئلا يظن تعيينها ونبه بسرة الشهر وبحديث الترمذي في أيام البيض على فضيلتها.

الأثر التربوي للصوم على نفس المسلم:والصوم شرعه المولى عز وجل تربية للنفس وتهذييًا لها وتأدييًا، فالصوم جُنة، والصوم وجاء، والصوم يعين المسلم على غض البصر وحفظ الفرج وتملك الشهوات.

والصوم يروض النفس، ويكبح الشيطان، ويضيق عليه مخانقه.

ونحن ننقل في ذلك كلامًا قيما هادفًا لابن القيم، ذكره في زاد المعاد: لما كان المقصود من الصيام حبس النفس عن الشهوات، وفطامها عن المألوفات، وتعديل قوتها الشهوانية لتستعد لطلب ما فيه غاية سعادتها، ونعيمها وميول ما تزكو به مما فيه حياتها لأبدية، ويكسر الجوع والظمأ من حدتها وثورتها ويذكرها بحال الأكباد الجائعة من المساكين، وتضيق مجاري الشيطان من العبد بتضييق مجاري الطعام والشراب وحبس قوى الأعضاء عن استرسالها لحكم الطبيعة فيما يضرها في معاشها ومعادها، ويسكن كل عضو فيها وكل قوة عن جماحه وتلجم بلجامه فهو لجام المتقين وجُنة المحاربين ورياض الأبرار والمقربين، وهو لرب العالمين من بين سائر الأعمال، فإن الصائم لا يفعل شيئًا، وإنما يترك شهوته وطعامه وشرابه من أجل معبوده، فهو ترك محبوبات النفس وتلذذاتها إيثارًا لمحبة الله تعالى ومرضاته، وهو سر بين العبد وربه لا يطلع على سواه، والعباد قد يطلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة، وأما كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده فهو أمر لا يطلع عليه بشر، وذلك حقيقة الصوم.

وللصوم تأثير عجيب في حفظ الجوارح الظاهرة والقوى الباطنة وحمايتها عن التخليط الجالب لها المواد الفاسدة التي إذا استولت عليه أفسدتها، واستفراغ المواد الرديئة المانعة لها من صحتها، فالصوم يحفظ على القلب والجوارح صحتها، ويعيد إليها ما استلبته منها أيدي الشهوات، فهو من أكبر العون على التقوى كما قال تعالى: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون) [البقرة:183] وقال النبي صلي الله عليه وسلم: (الصوم جُنة) وأمر من اشتدت عليه شهوة النكاح ولا قدرة له عليها إلا بالصيام، وجعله وجاء هذه الشهوة.

والمقصود أن مصالح الصوم لما كانت مشهودة بالعقول السليمة والفطر المستقيمة شرعه الله لعباده رحمة بهم وإحسانًا إليهم وحمية لهم وجُنة.

وكان هدي رسول الله صلي الله عليه وسلم فيه أكمل الهدي وأعظم تحصيل للمقصود، وأسهله على النفوس، ولما كان فطم النفوس عن مألوفاتها وشهواتها من أشق الأمور وأصعبها تأخر إلى وسط الإسلام بعد الهجرة لما توطنت النفوس على التوحيد والصلاة، وألفت القرآن، فنقلت إليه بالتدريج (انتهى من زاد المعاد).

أما الأحكام الفقهية في صيام ثلاثة أيام من كل شهر فنسوق فيها أقوال أهل العلم:

قال النووي في (المجموع): وثبتت أحاديث في الصحيح بصوم ثلاثة أيام من كل شهر من غير تعيين لوقتها، وظاهرها أنه متى صامها حصلت الفضيلة، (وساق حديث معاذة العدوية عن عائشة المذكور) ثم قال: وجاء في غير مسلم تخصيص أيام البيض في أحاديث: منها حديث أبي ذر (وساق الحديث وحديث جرير بن عبد الله).

وقال ابن قدامة في (المغني): ويستحب أن يجعل هذه الثلاثة أيام البيض لما روى أبو ذر (وساق الحديث) ثم قال وروى النسائي أن النبي صلي الله عليه وسلم قال للأعرابي: (كُلْ) قال: إني صائم، قال (صوم ماذا ؟) قال: صوم ثلاثة أيام من الشهر.قال: (إن كنت صائمًا فعليك بالغر البيض ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر) وقال: (هو كهيئة الدهر).

وقال الشوكاني في (نيل الأوطار): اختلفوا في تعيين هذه الثلاثة الأيام المستحبة من كل شهر، ففسرها عمر بن الخطاب وابنه وأبو ذر وغيرهم من الصحابة وجماعة من التابعين وأصحاب الشافعي بأيام البيض، ويشكل على هذا قول عائشة - لا يبالي من أي الشهر صام - وأجيب عن ذلك بأن النبي صلي الله عليه وسلم لعله كان يعرض له من يشغله عن مراعاة ذلك أو كان يفعل ذلك لبيان الجواز، وكان ذلك في حقه أفضل، والذي أمر به قد أخبر به أمته، ووصاهم به، وعينه لهم، فيحمل مطلق الثلاثة على الثلاثة المقيدة الأيام المعينة. واختار النخغي وآخرون أنها آخر الشهر، واختار الحسن البصري وجماعة أنها من أوله، واختارت عائشة وآخرون صيام السبت والأحد والاثنين من عدة شهر ثم الثلاثاء والأربعاء والخميس من الشهر الذي بعده لحديث الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلي الله عليه وسلم يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس.

وقال البيهقي: كان النبي صلي الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام لا يبالي من أي الشهر صام، كما في حديث عائشة قال: من رآه فعل نوعًا ذكره، وعائشة رأت جميع ذلك فأطلقت.

وقال الروياني: صيام ثلاثة أيام من كل شهر مستحب فإن اتفقت أيام البيض كان أحب، وفي حديث رفعه ابن عمر: (أول اثنين في الشهر، وخميسان بعده). وروى مالك أنه يكره تعيين الثلاثة، قال في الفتح: وفي كلام غير واحد من العلماء أن استحباب صيام أيام البيض غير استحباب صيام ثلاثة أيام من كل شهر (انتهى).

وهذا هو الحق لأن حمل المطلق على المقيد هاهنا متعذر، وكذلك استحباب السبت والأحد والاثنين من شهر والثلاثاء والأربعاء والخميس من شهر غير استحباب ثلاثة أيام من كل شهر.

فالحاصل من أحاديث الباب استحباب صيام تسعة أيام من كل شهر: ثلاثة مطلقة، وأيام البيض، والسبت والأحد والاثنين شهر والثلاثاء والأربعاء والخميس في الشهر الذي يليه. (انتهى كلام الشوكاني من نيل الأوطار).

وفي الأحاديث ثلاثة رابعة، وهي صيام يوم الاثنين من أول الشهر وخميسين بعده لما سبق من الأحاديث.

لطيفة:

يقول ابن حجر في الفتح عن صيام أيام البيض: ولأن الكسوف غالبًا يقع فيها، وقد ورد الأمر بمزيد العبادة إذا وقع، فإذا اتفق الكسوف صادف الذي يعتاد صيام البيض صائمًا فيتهيأ له أن يجمع بين أنواع العبادات من الصيام والصلاة والصدقة بخلاف من لم يصمها فإنه لا يتأتى له استدراك صيامها ولا عند من يجوز صيام التطوع بغير نية من الليل إلا إذا صادف الكسوف من أول النهار، وحج بعضهم صيام الثلاثة في أول الشهر لأن المرء لا يدري ما يعرض له من الموانع.

وقال بعضهم: يصوم من أول كل عشرة أيام يومًا، وله وجه في النظر، ونقل ذلك عن أبي الدرداء، وهو يوافق حديث النسائي عن ابن عمرو: (صم من كل عشرة أيام يومًا) أو يصوم السبت والأحد والاثنين من الشهر، ومن الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس.

وكأن الغرض من أن يستوعب غالب أيام الأسبوع بالصيام.

واختار النخعي أن يصوم آخر الشهر ليكون كفارة لما مضى، ويؤيده حديث عمران ابن حصين في الأمر بصيام سرار الشهر أي: ما يكون القمر فيها مسرًّا أي: مستترًا.

وحاصل الخلاف في تعيين الثلاثة أيام من الشهر عشرة أقوال: الأول: لا تتعين، بل يكره تعيينها، وهذا قول عن مالك، الثاني: أول ثلاثة من الشهر، وهو قول الحسن البصري، الثالث: من الثاني عشر إلى الرابع عشر، الرابع: أولها الثالث عشر حتى الخامس عشر، الخامس: أولها السبت من أول الشهر ثم من أول الثلاثة من الشهر الذي يليه، وهكذا وهو عن عائشة، السادس: أول خميس ثم إثنين ثم خميس، السابع: أول اثنين ثم خميس ثم خميس، الثامن: أول يوم والعاشر والعشرون، وهو عن أبي الدرداء، التاسع: أو كل عشرة وهو عن ابن شعبان المالكي، العاشر: آخر ثلاثة أيام من الشهر، وهو عن النخعي.

معركة البيض:

كثيرًا ما يختلف العلماء في استنباط مسألة فيبسط كل واحد رأيه مؤيدًا بالأدلة التي يراها.

قد تكون المسألة فقهية أو تاريخية أو لغوية -وقد ينتصب لها بعضهم مدافعًا بألفاظ قوية كأنه في معركة لكن يبقى أدب العلم رحمًا بينهم، يصف القول ويحترم قائله، ونحن عندما نطالع ذلك نجني ثمارًا طيبة من العلم النافع والأدلة المقنعة، ومن ذلك: ما وقع في بعض ألفاظ الحديث أو الأحاديث في بعض نسخ النسائي من قوله: (الأيام البيض) وفي بعضها (أيام البيض) بحذف الألف واللام وهو أوضح، وقد رآها الجواليقي ونقل عنه النووي وخالفهما ابن حجر فانبر العيني مدافعًا، وهذا مختصر المعركة: قال النووي: والأيام البيض - بالألف واللام- خطأ عند أهل العربية معدود من لحن العوام؛ لأن الأيام كلها بيض دائمًا وصوابه (أيام البيض)، أي: أيام الليالي البيض.

وأما سبب تسمية هذه الليالي بيضًا؛ لأنها تبيض بطلوع القمر من أولها إلى آخرها.

وقد صحح ابن حجر في الفتح قول (الأيام البيض) وقال: لأن اليوم الكامل هو النهار بليله، وليس في الشهر يوم أبيض كله إلا هذه الأيام؛ لأن ليلها أبيض ونهارها أبيض فصح قول الأيام البيض على الصفة.

وقد عقب العيني في (عمدة القارئ) على ذلك بقوله: هذا كلام واهٍ وتصرف غير موجه لان قوله: لأن اليوم الكامل هو النهار بليله غير صحيح.

لأن اليوم الكامل في اللغة العربية عبارة عن طلوع الشمس إلى غروبها، وفي الشرع عن طلوع الفجر الصادق وليس لليله دخل في حد النهار، قوله: (ونهارها أبيض) يقتضي أن بياض نهار الأيام البيض من بياض الليلة وليس كذلك؛ لأن بياض الأيام كلها بالذات وأيام الشهر كلها بيض فسقط قوله: وليس في الشهر يوم أبيض كله إلا هذه الأيام، وهل يقال ليوم من أيام الشهر غير أيام البيض: هذا يوم بياضه غير كامل، أو يقال هذا كله ليس بأبيض ؟ فبطل قوله (فصح الأيام البيض على الوصف) وخلاصة المعركة أن لفظة الأيام البيض من أخطاء العوام والصواب أن يقال: أيام البيض كما قال الجواليقي.

آداب الصوم وفوائده:

من آداب الصوم وفوائده غض البصر وحفظ اللسان عن سوء الكلام وحماية الجوارح.

ففي حديث البخاري: (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه).

والصوم سبب لتقوي القلوب، و التقوى: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من المحبوبات وترك المنهيات، والصائم يتقرب إلى الله بترك المشتهيات تقديمًا لمحبة الله على ما تحبه نفسه، لذا كان الصوم سببًا لكثرة الحسنات من صلاة وقراءة وذكر وصدقة، وكان الصوم داعيًا للورع واجتناب المتشابهات فضلاً عن المحرمات - والصوم يعوِّد المسلم أن لا يمتلئ من الطعام في الليل، بل يأكل بمقدار فإنه (ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًا من بطنه) لأن كثرة الأكل تورث الكسل والفتور؛ فيضيع المقصود من الصوم بكثرة الأكل.

لذا كانت مشروعية صوم التطوع المتكرر لترويض النفس على فوائد الصوم.

الأحكام التكليفية الخمسة في الصوم:

الوجوب: صوم رمضان للمكلف القادر، وكذلك صوم النذر و الكفارات.

المحرم: صوم يوم العيدين وصوم الحائض و النفساء والمريض الذي يتلفه الصوم أو الذي يعوقه الصوم عن إنقاذ معصوم من الهلكة.

المندوب: صوم التطوع مقيدًا أو مطلقًا، وقد أشرنا إليه في عدد شوال السابق وصوم الست من شوال.

المكروه: صوم المريض الذي يشق عليه والمسافر الذي يقعد عن خدمة نفسه ويحتاج لخدمة غيره بسبب الصوم.

المباح: صوم المسافر الذي يقوى على ذلك.

وختامًا:

فإن أبا هريرة رضي الله عنه قال عن صوم الأيام الثلاثة: لا أدعها حتى أموت، فأحرى بنا أن يكون لنا معاشر المسلمين من أعمال التطوع والصالحات ما يكون مستمرًّا ما بقيت الحياة رجاء القبول والتطهر والقرب من الله،

والله من وراء القصد.