تحذير من ينطق بأن البلاء موكل بالمنطق
إعداد :محمد عبد المقصود صالح
إمام وخطيب بالأوقاف
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لانبي بعده، أمابعد،،،
فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث أَنَسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَادَ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ؟» قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَقُولُ: اللهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " سُبْحَانَ اللهِ لَا تُطِيقُهُ - أَوْ لَا تَسْتَطِيعُهُ - أَفَلَا قُلْتَ: اللهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ " قَالَ: فَدَعَا اللهَ لَهُ، فَشَفَاهُ. أخرجه مسلم (2688).
هذا الحديث يقوم على عدة فوائد منها:
1-أهمية نعمة اللسان.
إن من أعظم النعم التي أنعم الله بها على الإنسان نعمة اللسان، وهي المنة التي أمتن الله بتعليمها لبني الإنسان يقول سبحانه{خَلَقَ الْإِنْسَانَ عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 3، 4]،وهي الوسيلة التي يعبر بها عما يكون في الوجدان، فما قيمة الجسد الطويل العريض، وهوبدونها عليل مريض بلا كيان.
ولذلك لما بعث الله موسى -عليه السلام- وأمره بالذهاب إلى فرعون لدعوته إلى طريق الواحد الديان، وسلوك الطاعة والالتزام، كان سؤال موسى لربه أن يوفق في الكلام، وأن يسدد في السهام، وأن تصل دعوته إلى الأفهام، وأن يعقلها الفئام، فتختم دعوته بالخير والتمام يقول تعالى {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طه: 24 - 28].
ولم يكتف الأمر عند ذلك: بل طلب من الله أن يرسل معه أخاه هارون، لأن هارون فصيح اللسان، جزيل البيان، يأتمربأمره بلا تردد ولا عصيان يقول تعالى{ وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ } [القصص: 34].
فنعمة اللسان هي الميزان الذي يوزن به كل إنسان، فإما أن يشار إليه بالبنان،وأما أن يوضع في كفة النقصان.
ونعمة اللسان سلاح ذو حدين وصنوان يفترقان، فإما أن تستعمل في الخير والبرهان، وإما أن تستعمل في الشر والعصيان، فيكون في الدنيا الشقاء والخذلان، وفي الأخرة الضلال والخسران.
فينبغي على الإنسان أن يعظم حقها بالعرفان، ويستوجب شكرها بلا نكران، ولا يجحد فضلها بسهوأونسيان ، وأن يستعملها فيما سخرت له، وأن يصونها عن اللغط والغلط، وأن يهذبها عن الخبط والخلط والهذيان.
2- عدم تمني البلاء.
العاقل الحصيف إذا عرف قيمة هذه النعمة فإنه يجب عليه ألا يسأل الله البلاء بسببها، ولا يحرم نفسه من الخير بسوء استغلالها، فربما نزلت عليه البلية، وحلت عليه المصيبة بسبب كلمة خرجت من لسانه، لا يلتفت إليها، ولا يعبأ بها، ولا يفتئ في التفكر فيها، لا يلقى لها بالا، فتجلب عليه شرا ووبالا.
ولما رأى النبي- صلى الله عليه وسلم- الرجل المريض ما أصابه من جَهْد ونصب، ووصب وتعب سأله عن حاله فأخبره أنه سأل الله البلاء، وطلب من الله الابتلاء فقال" اللهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ، فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا"فأرشده النبي- صلى الله عليه وسلم -أنه لا يستطيعة، ولا يقوى على تحمله،ولا يقدرأن يصبر عليه.
ولذلك كان أبوبكر الصديق -رضي الله عنه- يقول :
احفظ لسانكَ أن تقول فَتُبتَلى ... إن الْبلاءَ مُوَكَّلٌ بِالمَنْطِقِ
-يقول الزمخشري"هذا البيت يضرب في كلمة يتكلم بها الرجل فتكون باعثة للشر والبلاء. المستقصى في أمثال العرب (1/ 305)، والأمثال والحكم، للماوردى(ص: 177)، والأمثال للهاشمي (1/ 91)..
ولذلك: فإن المسلم إذا أراد أن يتكلم فليعرف متى يتكلم، وبماذا يتكلم، ومتى يسكت،لأنه يعلم عظم الكلمة وخطورتها عند الله، يقول تعالى{مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} [ق: 18]
-يقول الحسن البصري: يا ابن آدم، بسطت لك صحيفة، ووكل بك ملكان كريمان يكتبان عملك، فاعمل ما شئت، فأكثر أو أقل. الصمت، لابن أبي الدنيا (ص: 84).
- وقال عبد الرحمن السلمي :من عيوب اللسان كثرة الكلام، وإنما يتولد ذلك من شيئين: أما طلبه رياسة يريد يري الناس علمه وفصاحته، أو قلة العلم بما يجلب عليه الكلام. عيوب النفس (ص: 16).
فالعاقل هومن يقود زمام لسانه، ويتعلم الصمت كما يتعلم الكلام،فإن مغبة الإفراط في ذنوب اللسان تؤول إلى مصيرلا يتحمله الإنسان، فالجم لسانك عن فضول الكلام، وارق به عن فتات الكلام، ولا تتكلم إلا إذا ندبت إلى الكلام، ولا تتكلم إلا فيما يعنيك، ولا تنطق إلا بما يفيدك، فمن خاف سلم،ومن ترك زمام لسانه خسر وندم.
-يقول المناوي"العبد في سلامة ما سكت، فإذا تكلم عرف ما عنده بمحنة النطق فيتعرض للخطر أو الظرف، والتحذير من سرعة النطق بغير تثبت خوف بلاء لا يطيق دفعه، وقد قيل اللسان ذئب الإنسان، وما من شيء أحق بسجن من اللسان. فيض القدير (3/ 222)بتصرف.
ولذلك قال الشاعر:
لا تنطقن بحادث فلربما... نطق اللسان بحادث فيكون
وقال آخر:
لا تمزحن بما كرهت فربما ... ضرب المزاح عليك بالتحقيق
ولم يقف الأمر عند هذا الحد :بل ربما يتمنى المرء أمنية سوء فتنزل عليه البأساء والضراء بسببها،ويبتلى في ذلك بشرها وشؤمها.
-يقول أبوعمرو الشيباني " لا يتمنين أحد أمنية سوء، فإن البلاء موكّل بالمنطق. معجم الأدباء،للحموى (2/ 626).
وقال ابن القيم "فحفظ المنطق وتحيز الأسماء من توفيق الله للعبد، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من تمنى أن يحسن أمنيته، ورأيت أخبار كثير من المتمنين أصابتهم أمانيهم أو بعضها. تحفة المودود (ص: 123-124)بتصرف.
وبهذا جاءت الأثار عن السلف الصالح توضح خطورة هذا الأمر، وألا يستهين به الإنسان لأنه قد يلحق به شر وضرر، ويوقعه في زلل وخطر، فينبغي للإنسان أن يكون معه على خوف وحذر.
-يقول عبد الله بن مسعود: لا تستشرفوا البلية، فإنها مولعة بمن تشرف لها، إن البلاء مولع بالكلم، فاتبعوا ولا تبتدعوا فقد كفيتم. مكارم الأخلاق، للخرائطي (ص: 139).
-وقال مالك: يقال إن البلاء موكل بالمنطق، ومن أكثر الكلام ومراجعة الناس ذهب بهاؤه. الجامع، لأبن أبي زيد القيروانى. (ص: 173)
-وقال أبو عبيد الله كاتب المهديّ: كن على التماس الحظ بالسكوت أحرص منك على التماسه بالكلام؛ إن البلاء موكّل بالمنطق. العقد الفريد،لابن عبدربه (2/ 302).
-وقال سليمان بن داوود عليه السلام : الكلام من فضة، والصمت من ذهب، والبلاء موكل بالمنطق. بريقة محمودية، للخادمى الحنفى (3/ 131).
- وقال إبراهيم النخعي :إني لأجد نفسي تحدثني بالشيء، فما يمنعني أن أتكلم به إلا مخافة أن ابتلي به. الصمت لابن أبي الدنيا (ص: 169).
3- ضرورة الحرص على الفأل الحسن .
من صفات المسلم الحق أنه لا يقنط عند المصيبة، ولا يجزع عند النقيصة،لا ييأس أبدا، ولا يبتئس حزنا وغما،يقول تعالى {إنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} [يوسف: 87]
وقال أيضا { وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ} [الحجر: 56]
فعلى المرء أن ينظر إلى الأمور بعين التفاؤل، ولا يحوج نفسه إلى الذل والتساؤل، يفوض أمره إلى ربه في جميع المسائل، فينتج عن هذاالرضا بقضاء الله وقدره في جميع النوازل، والتسليم لأمره، والانخلاع عن كل ما سواه،ولا يرهق نفسه في تدبير أمره{أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الأُمُورُ} [الشورى: 53]،فكل ما سوى الله زائل.
يقول الشاعر:
تفاءل بما تهوى فلقلما ... يقال لشيء كان إلا تحققا
ومن هنا جاءت النصوص النبوية التي تدعوا الإنسان إلى التفاؤل، والبعد عن التطير والتشاؤم فمنها:
-عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: «لاَ طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الفَأْلُ» قَالَ: وَمَا الفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ» أخرجه البخارى (5755)،ومسلم (2223).
ومعنى "لا طيرة" :أي لا تشاؤم بالشيء،وهذا ينتج عن عدم الرضا به والسخط عليه،فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى الأخذ بالفأل الحسن، والقول اللين، والكلام الواضح البين الذي يجعل الإنسان يحسن الظن بالله،ولا يلتفت إلى مخلوق سواه.
كما قال الشاعر
تعلم أنه لا طير إلا ... على متطير فهو الثبور
يقول الخطابي: والفرق بين الفأل والطيرة: أن الفأل مأخوذ من طريق حسن الظن بالله تعالى، والطيرة إنما هي من طريق الاتكال على شيء سواه، وكان - صلى الله عليه وسلم - يسأل عن اسم الأرض والجبل والإنسان، فإن كان حسنا سر به واستبشر، وإن كان سيئا ساءه ذلك. التوضيح، لابن الملقن (27/ 506)
وقال الحليمي" إنما مدح الفأل دون الطيرة، لأن التشاؤم سوء ظن بالله بغير سبب محقق، والتفاؤل حسن ظن به، والمؤمن مأمور بحسن الظن بالله على كل حال. التوشيح شرح الجامع الصحيح،للسيوطي (8/ 3541).
ولهذا أرشد النبي عليه الصلاة والسلام إلى ضرورة الأخذ بالفأل الحسن، وفسره بقوله«الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ».
- فالمسلم العاقل إذا عجزعن تقديم النفع لإخوانه، فلا يبخل عليهم بكلمة طيبة،أوابتسامة صافية، فإن بعض الناس قد يكون عندهم من البلايا، وقد يكون عندهم من الرزايا يحب أن يسمع كلمة طيبة، قد تكون سببا في كشف همه، أوتخفيف كربه، أو جبران خاطره،ومن سار بين الناس جابرا للخواطر إدركه لطف الله في جوف المخاطر.
-وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: سَمِعَ كَلِمَةً فَأَعْجَبَتْهُ فَقَالَ: «أَخَذْنَا فَأْلَكَ مِنْ فِيكَ». أخرجه أبوداوود(3917)وأحمد(9040)والبيهقى فى الشعب(1126)، وصححه الألبانى فى الصحيحة(726)وصحيح الجامع(225).
يقول ابن بطال "وكان النبى عليه السلام يستحب الاسم الحسن والفأل الصالح، وقد جعل الله فى فطرة الناس محبة الكلمة الطيبة والفأل الصالح والأنس به، كما جعل فيهم الارتياح للبشرى والمنظر الأنيق، وقد يمر الرجل بالماء الصافى فيعجبه وهو لايشربه، وبالروضه المنثورة فتسره وهي لاتنفعه. شرح البخارى، لابن بطال (9/ 437).
-وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ" أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُعْجِبُهُ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ أَنْ يَسْمَعَ: يَا رَاشِدُ، يَا نَجِيحُ. أخرجه الترمذى (1616)، وصححه الألبانى فى صحيح الجامع(4977).
-وعنْ أَبِي يَمَانٍ حُكِيَ عَنِ الأَصْمَعِيِّ، أَنَّهُ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَوْنٍ عَنِ الْفَأْلِ؟ قَالَ: هُوَ أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا، فَيَسْمَعُ يَا سَالِمُ، أَوْ يَكُونُ طَالِبًا، فَيَسْمَعُ يَا وَاجِدُ. شرح السنة، للبغوي (12/ 176).
يقول أبو البقاء الدميري "إنما أحب الفأل، لأن الإنسان إذا أمل فضل الله تعالى كان على خير، وإذا قطع رجاءه من الله تعالى كان على سوء، والطيرة فيها سوء ظن وتوقع البلاء. حياة الحيوان الكبرى (2/ 135).
ومن أروع الأمثلة التي تدعوا إلى التفاؤل ما فعله عبد المطلب مع حليمة السعدية.
"لما وقفت حليمة السعديةعلى عبد الْمطَلب تسأله رضاع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لها من أنت؟ قالت: أنا امرأة من بني سعد، قال: ما اسمك؟قالت:
حليمة، فضحك عبد المطلب وزجر وقال: بلغ، بخ بخ سعد وحلم هاتان خلتان فيهما غنى الدهر، وعز الأبد،. شرف المصطفى،للخركوشي (1/ 374)، السيرة الحلبية، للحلبى(1/ 131).
فتفاءل عبد المطلب باسمها وهي حليمة،وتفاءل بقبيلتها وهي بني سعد فدفع رسول الله إليها.
وكما أن العرب في الجاهلية كانوا يتطيرون ويتشاءمون، إلا أنهم في نفس الأمر كان عندهم نوع من التفاؤل.
-يقول ابن الكاتب"ومما استعملت فيه العرب أيضاً التفاؤل تسميتهم أبنائهم أسدا تفاؤلا بالشجاعة والنجدة والبسالة، وكلباً تفاؤلاً بالحراسة والمحافظة، وأشباه ذلك مما سموا به. ومما قلبوه عن معناه وسموه بضد ما يستحقه على سبيل التفاؤل. البرهان في وجوه البيان (ص: 101).
حتى قال قائلهم:
وسمّيته يحيى ليحيا ولم يكن ... إلى ردّ أمر الله فيه سبيل
وقال آخر:
لا يمنعنك من بغاء الخير تعقاد التمائم
ولا التشاؤم بالعطاس ولا التيمن بالمقاسم
ولقد غدوت وكنت لا أغد على واق وحاتم
فإذا الأشائم كالأيامن والأيامن كالأشائم
وكذاك لا خير ولا شر على أحد بدائم
-ومن الأمثلة أيضا ماحدث في صلح الحديبية من حديث المسور بن مخرمة" لَمَّا جَاءَ سُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَقَدْ سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ»أخرجه البخاري (2731).
يقول العيني" تفاءل النبي، صلى الله عليه وسلم، باسم سهيل بن عمرو على أن أمرهم قد سهل لهم. عمدة القاري (14/ 12).
-ومن الأمثلة أيضا:ماجاء عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: َأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ "أخرجه البخاري(1006)،ومسلم (679).
يقول ابن بطال"وفي قوله صلى الله عليه وسلم "غِفَارُ غَفَرَ اللَّهُ لَهَا وَأَسْلَمُ سَالَمَهَا اللَّهُ" الدعاء للمؤمنين بالمغفرة، تفاءل لهما -صلى الله عليه وسلم-من أسمائهما فألا حسنا، وكان يعجبه الفأل الحسن. شرح البخارى لابن بطال (3/ 7).
-ومن الأمثلة أيضا :ماجاء عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ، ثُمَّ رَكِبَ فَقَالَ: " اللَّهُ أَكْبَرُ خَرِبَتْ خَيْبَرُ، إِنَّا إِذَا نَزَلْنَا بِسَاحَةِ قَوْمٍ: {فَسَاءَ صَبَاحُ المُنْذَرِينَ} [الصافات: 177] " فَخَرَجُوا يَسْعَوْنَ فِي السِّكَكِ وَيَقُولُونَ: مُحَمَّدٌ وَالخَمِيسُ - قَالَ: وَالخَمِيسُ الجَيْشُ - فَظَهَرَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَتَلَ المُقَاتِلَةَ وَسَبَى الذَّرَارِيَّ، فَصَارَتْ صَفِيَّةُ لِدِحْيَةَ الكَلْبِيِّ، وَصَارَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا، وَجَعَلَ صَدَاقَهَا عِتْقَهَا "أخرجه البخاري(4200،947).
يقول البرماوي"وفي الحديث : التفاؤل بخراب خيبر لسعادة المسلمين، فهو من الفأل الحسن لا من الطيرة، وقد تفاءل أيضا بخراب خيبر اشتقاقا من اسمها. اللامع الصبيح (4/ 337).
وقال القاضي عياض:تفاءل النبى -صلى الله عليه وسلم -لما رآهم خرجوا بآلة الخراب والهدم،وهذا من الفأل الحسن فى حقه - عليه السلام - وحق المسلمين الذى كان يستحبه، وليس من الطيرة المذمومة. إكمال المعلم(4/ 590).
فالفأل الحسن حسن ...والتطير والتشاؤم حَزَن
فاختر لنفسك أي ... الطريقين تسلك يا حَسَن
وللحديث بقية في اللقاء القادم إن شاء الله جلا وعلا
وصلي اللهم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه وسلم