هذه المجلة

هذه المجلة

بقلم الأستاذ الدكتور أمين رضا

أستاذ جراحة العظام والتقويم بكلية طب جامعة الإسكندرية

المجلات الدينية كثيرة. وكثرتها تدل على حاجة الناس إليها. خاصة في هذا العصر الذي تلهي فيه الدنيا الناس عن ربهم. لشدة إقبالهم على ملاذها وزخارفها التي تزينها لهم الاختراعات الحديثة، والتي تبهر أنظارهم بالاتجاهات الإباحية والانحرافية التي استنبطها البشر من نظريات من صنعهم يسمونها تحررًا حينًا. وتقدما حينًا آخر. ومدنية تارة. وعلمًا مستنيرًا تارة أخرى. وما هي إلا أسماء استحدثوها ما أنزل الله بها من سلطان.

والمجلات الدينية المنتشرة بين الجماهير مليئة بالاتجاهات المختلفة. كثير منها مبني على قيل وقال. وكثير منها ينقل آراء البشر في دين الله. كثير منها يتحيز لرأي شخص آدمي لا سلطة له في الحل والربط والأمر والنهي. والتحريم والإباحة. ولا يرجع إلى الأصل الذي إن تمسكنا به جميعًا لن نضل أبدًا. وهو كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

وكثير من المجلات الدينية تذهب في أبحاثها مذهب الوجدان والهوى. اللذين يسوقانها إلى الخرافة والتصوف فيأخذ ديننا مظهرًا جاهليًا. يضلل الناس عن الطريق المستقيم، ويشمئز منه العقل المستنير، وينفر منه من يريد أن يهتدي فيبتعد عن الدين بسبب المظهر السيئ الذي تصوره له هذه المجلات.

أما هذه مجلة التوحيد فإنها تنحو نحوًا قويًّا منيرًا أصيلاً حنيفًا.

لا محل فيها للخرافة. فالخرافة من فعل البشر وليست من عند الله. وهي مبنية على الجهل والظلام. والدين مبني على العلم المنير.

لا محل فيها بجانب كتاب الله وسنة رسوله. لآراء البشر يفتون ويروون بلا حساب ولا روية ولا برهان.

لا محل فيها للظن والتخمين، فالدين - دين الله - مبني على الحق واليقين.

كل ما فيها يعلم الناس كيف يتجهون إلى الله، وكيف يتزودون من هذه الدنيا لآخرتهم. يعلمهم العلم الأساس الذي هم في أشد الحاجة إليه. العلم الذي به يبتعدون عن العذاب الأبدي. ويدخلون في النعيم الذي سيتمتعون به إلى ما لا نهاية.

يعلمهم العلم الذي يدخلون به في الجنة.

ودخول الجنة ليس صدقة ولا (محسوبية).

دخول الجنة مبني على أسس ثابتة حددها الله بعدله الذي لا يعدله عدل، وحكمته التي لا تفوقها حكمة. مبني على عمل رسمه الله لنا: عمل قال لنا فيه ماذا يجب أن نقبل عليه. وماذا يجب أن نبتعد عنه. وكل هذا ثابت في كتاب الله العزيز. ومسجل في سنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.

هل يعتقد مسلمو اليوم في قرارة أنفسهم أنه توجد حياة أخرى بعد هذه الحياة الدنيا؟

هل هم يعتقدون أنه توجد جنة ونار ونعيم وعذاب في هذه الحياة الأخرى؟

هل يعتقدون أن لدخول الجنة أسبابا ولدخول النار أسبابا من نوع آخر؟

هل يعتقدون أن هذه الأسباب يمكن أن يلموا بها صدفة أو ظنًّا أو تخمينًا؟

ألا يجب عليهم أن يتعلموها؟

ألا يجب عليهم أن يتعلموا في هذه الدنيا أعظم علم هم محتاجون إليه؛ لأنه به يحصلون على النعيم الأبدي؟

ألا إن هذا العلم هو الدين الذي أنزله الله. ومن غير الله يهدي الإنسان إلى جنة عرضها السماوات والأرض أعدها الله سبحانه وتعالى للمتقين؟

من غير الله يمكنه أن يهدي البشرية إلى ما فيها صلاحها وطمأنينتها؟ من غير الله الذي خلق الإنسان، ويعرف ما تحدث به نفسه، ويعرف ما يضره وما ينفعه، وخلق الجنة والنار. من غير الله سبحانه وتعالى يمكنه أن ينير لنا الطريق إلى ما ينفعنا في الآخرة؟

ذلكم الله ربكم له الملك أرسل لنا الرسل، وأنزل عليهم الكتب وبيَّنَ لنا الخير من الشر. وأنار لنا الطريق وعلمنا كيف نسير عليه، هو العلم الذي تعلمناه هنا في الدنيا نفعنا هناك في الآخرة.

هذا هو الدين، دين الله الذي رسمه لنا، والذي على هداه نسير، وسنصل إن شاء الله به إلى أحسن الأهداف من أقصر طريق. الطريق المستقيم.

وهذا هو العلم الذي رسمت لنفسها هذه المجلة منهجًا لنقله إلى الناس. العلم الذي لا غنى لهم عنه في هذه الدنيا للدخول في نعيم الآخرة. علم التوحيد من الكتاب والسّنّة كما قال الله في كتابه العزيز (فاعلمْ أنه لا إله إلا الله) .. والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.